تفاعلا مع المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، نظمت الإطارات الجمعوية ( منتدى إفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان، مؤسسة تافسوت للحوار والتسامح، جمعية إزوران، جمعية بويزكارن للتنمية) المنضوية تحت لواء الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية ، اللقاء السادس بدار الثقافة بمدينة بويزكارن، مساء يوم الجمعة 06 فبراير 2016.
اللقاء الذي عرف مشاركة وحضورا وازنا للفعاليات والتنظيمات الأمازيغية وممثلي الإطارات الحقوقية والجمعوية والنسائية والشبابية بالمنطقة (150 مشاركة ومشارك).
افتتح اللقاء بكلمة اللجنة التنظيمية، بعد ذلك قدم رئيس الجلسة السيد عبد الرحمان الرامي السياق الوطني الذي تندرج فيه هذه الندوة الوطنية، وأهمية التواصل مع المجتمع في إطار المبادرة المدنية للتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وطلب من الحضور الوقوف دقيقة صمت ترحما على شهيد القضية الأمازيغية الطالب عمر خالق.
المداخلة الأولى: ذ مبارك أوتشرفت رئيس منتدى إفوس للديمقراطية وحقوق الإنسان ركز في مداخلته على النقط الآتية:
- استبيان أهمية تدبير التعدد والتنوع كصمام أمان وضامن للاستقرار السياسي والاجتماعي بالعديد من البلدان ( الكونفدرالية السويسرية، الكيبيك بكندا، الفلامان ببلجيكا على سبيل المثال)، وتعزيز الديمقراطية وتكريس قيم نبد الكراهية والحرية والعدالة،وخلافا لذلك كانت السياسات الإقصائية التي تبنتها بعض الدول، والمرتكزة على هوية ذات البعد الواحد ، سببا في الانتهاء إلى نتائج وخيمة من قبيل الميز العنصري والاضطهاد وتهديد الاستقرار والوحدة الوطنية،
- الدعوة إلى احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تلح على الدول بإدماج التعدد اللغوي والتنوع الثقافي ضمن سياساتها وبرامجها في إطار شامل يقوم على الديمقراطية و العدالة بكل أبعادها السياسية والاجتماعية والثقافية.
- النضال في شقه السياسي من اجل تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية قضية كل الديمقراطيون والديمقراطيات في المغرب،و النضال الحقوقي من اجل الامازيغية كحق من الحقوق الثقافية واللغوية للشعب المغربي مسألة لا جدال فيها،
- ربط الحد من تأخرنا التاريخي على كل مناحي بتقوية الوحدة والشخصية المغربية القادرة على أن تصبح شخصية مواطنة، وقادرة على البناء وعلى الرأي المستقل و قادرة على الانخراط في البناء الديمقراطي وبناء التنمية
- اعتبر الدستور الجديد – في اعتقاده -لا يرقى إلى الطموحات و لم ينصف المغاربة، بل ضيع على المغرب فرصة الانتقال نحو البناء الديمقراطي المنشود.لكن بالمقابل ينبغي تثمين التقدم الحاصل في بعض فقراته مقارنة بدستور1996،
- يعتبر التراكم والتدرج في المسار الديمقراطي، لا يعني التحكم والاحتواء، بل تعاقد سياسي وعبر مراحل من شأنه أن يفضي إلى التقدم والبناء الديمقراطي على كافة المستويات.
- اعتبر الدستور الجديد يقبل التأويلات والقراءات المتعددة والمتنوعة كل حسب موقعه وصنفه.
فكيف ننتظر من واضعه ومن الحكومة الحالية العمل على صدور قانون تنظيمي منصف وعادل وشامل للأمازيغية؟؟فقد بينت تجربة إرسال المذكرات والجلوس مع لجنة المنوني إبان الحراك السياسي أن حصيلة المشاورات والمذكرات الحصول على دستور مرحلي،سيتجاوزه التاريخ والدينامية المتسارعة للشعب المغربي.
- اعتبر إخراج القانون التنظيمي سيكون بمثابة قانون يحصر تطبيق الامازيغية في المدرسة بمبررات أخرى قد لا تكون قانونية بل بعبارة “كلما توفرت الظروف والإمكانيات لذالك” بمعنى سيتم حذف طابع الإلزامية. وسأوضح مثال على ذلك فمن شأن خوصصة القطاعات العمومية كتعليم مثالا أن يتم تقييد تدريس الأمازيغية بعبارة ” اشتراط قبول إباء وأمهات التلاميذ تدريسها.” أو غياب الموارد البشرية المؤهلة لتدريسها.”
- كما اعتبر صدور مجموعة من القوانين التنظيمية دون مراعاة تفعيل الطابع الرسمي مقصود وينم على رغبة الحكومة في تقزيم ملف إدماج الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة العامة.وعدم فتح نقاش عمومي حول هذا الورش منذ تنصيبها في نونبر 2012 إلى حدود الساعة ،والاكتفاء بتدبير ملف الامازيغية ببريد الكتروني سيرهن الامازيغية بمستقبل مجهول،فكيف نفسر البطء الحكومي،وضعف المبادرة في مجال التشريع في هذا الشأن؟ إن ملف الامازيغية لا ينبغي توظيفه في الصراع السياسي والحزبي،لاستمالة أصوات انتخابية،انه ملف ذو طبيعة إستراتيجية وملف حساس ،ولا يقبل التلاعب والمزايدة السياسية.
أمام هذه الوضعية تساءل:
ما هو دور الفاعل المدني والسياسي الذي يعرف ما يهيئ لايمازيغيين قبل انتخابات أكتوبر أو نونبر 2016؟؟ هل سنقبل قانون تنظيمي أعرج وناقص ،يربط التطبيق بوجود إمكانات مادية وبشرية وتقنية عند الدولة؟؟ إدماج الامازيغية في السياسات العمومية ،كيف سيتم تنزيل ورش الأمازيغية على المستوى المجال الترابي؟ وماهي تكلفته المالية؟؟ومن سيحرص على مراعاة ذلك؟ هل يحق لنا الدفع بعدم دستورية القوانين في حالة إخراج هذا القانون،بدعوى أن القوانين سابقة مخالفة لروح ومنطوق الدستور الذي يعتبر الامازيغية رسمية ،وفق الفصل الخامس.؟؟
المداخلة الثانية: ذ ارحموش منسق الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية بالمغرب.
تحدث ذ المحاضر على مستجدات ملف الأمازيغية في ظل الحكومة الحالية ،ووصف المرحلة بالحاسمة تشريعيا، ووجب استغلال الفرص السياسية المتاحة عبر التحرك كل حسب موقعه،للدفاع عن الأمازيغية والنضال من أجل إقرارها في المؤسسات العمومية ومختلف مناحي الحياة العامة اسوة بالعربية.
واضاف انه رغم التنصيص على إدماج الأمازيغية في التعليم والمجالات ذات الأولوية في دستور 2011، عبر محطة صدور القانون التنظيمي ، فما زال التسويف والتماطل سيد الموقف الحكومي،واعتبر أن الدولة غير جادة في تعاطيها لملف الأمازيغية،رغم الخطب الملكية وما جاء بالمخطط التشريعي في صيغته الأولى والثانية ، علاوة على ما جاء بالتصريح الحكومي،الشيء الذي يرق المنظمات الأمازيغية الديمقراطية،ومن بينها الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية وهو ايضا ما حدا بها إلى سلوك منهج نضالي للضغط على الدولة المغربية لاحترام الحقوق الثقافية واللغوية الأمازيغية.
وفي سياق حديثه عن القانون التنظيمي،اعتبر تلكؤ الحكومة محكوم بخلفيات سياسية وايديولوجية ، واعتبر ان رئيس الحكومة بصفته المؤسساتية لا يحق دستوريا التحكم والإنفراد بوضع مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الأمازيغية على اعتبار ذلك من اختصاصات المجلس الوزاري، والوضع في تقديره الخاص يحتمل عدة احتمالات ،وكل سيناريوهات مخيبة الأمل.
حيث الأقرب إلى الوقوع هو وضع قانون تنظيمي لا يستجيب لتطلعات الحركة الأمازيغي من جهة ومن جهة أخرى تعليق القانون التنظيمي على صدور مراسيم تطبيقية له، الشيء الذي سيكرس من جديد لإستمرار منطق التدرج والبطء، وسؤال الإمكانيات والموارد البشرية، وبالتالي استمرار منطق تظل اللغة العربية لغة رسمية للبلاد.
فكيف نفسر تأخير القانون التنظيمي الى أخر الولاية الحكومية والتشريعية 2016، علما ان العديد من القوانين التنظيمية الصادرة او في طور الإنجاز لا تراعي قرار ترسيم اللغة الأمازيغية،وآخرها قانون الملتمسات والعرائض الشعبية الذي اشترط تحريرهما باللغة العربية فقط لا غير .
أما بخصوص المنهجية التي يراها الأستاذ ارحموش ضروري سلكها في إخراج القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية، فيرى انها تتلخص في:
- الدعوة إلى تشكيل لجنة مختصة ومتعددة ومتنوعة تجمع كل الكفاءات العلمية والتخصصات .
- التنصيص على الأمازيغية ملك لجميع المغاربة ورصيد مشترك لجميع المغاربة ،اسوة بالعربية.
- الحرص على المساواة بين اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية.
- تمكين الأمازيغية من شروط الحياة،من موارد مالية ولوجستكية وبشرية مؤهلة،وفق مخطط استراتيجي.
- وضع الأليات واللبنات الأساسية الكفيلة بالإدماج الفعلي والتدريجي للغة في مختلف المجالات .
- تحديد آليات التتبع والتقييم للساسة العمومية الخاصة بالأمازيغية،ومنها التزام رئيس الحكومة بعرض حصيلة عملها أمام البرلمان بشكل دوري بخصوص نسبة التقدم في الإدماج.
تفاعل الحاضرين والحاضرات:
بخصوص التساؤلات والتفاعل مع المداخلتين ،أعطى رئيس الجلسة الكلمة لعشر مداخلات من الحضور،كلها ثمنت المبادرة المشتركة للجمعيات المنضوية تحت لواء الفدرالية الوطنية للجمعيات الأمازيغية في تنظيمها لهذا اللقاء ببويزكارن في هذه المرحلة بضبط،وعلى حسن اختيار موضوع الندوة من طرف المنظمين،بغية الانفتاح على مختلف الآراء والشرائح،وكسب مزيدا من الحشد والدعم لهذه المبادرة المدنية.
وقد تم التركيز في المداخلات على تقاعس الحركة الأمازيغية ، وانغلاقهم على مبدأ الوحدة ،الشيء الذي جعلهم يراهنون على الآخرين،فالأمازيغية تم إقصاؤها بقرار سياسي،مما يتطلب حامل سياسي فاعل وقوي،يستطيع رد الاعتبار للأمازيغية ،لتحضى بمكانتها الفعلية داخل المجتمع ومؤسسات الدولة في ظل تخاذل غالبية الأحزاب وتواطؤها الغير المعلن لتهميش وإقصاء الأمازيغية منذ عقود.
في حين تساءل آخر عن متى ؟ وكيف ؟ سيتم تفعيل الطابع الرسمي في غياب نقاش عمومي مع الدولة،وبمشاركة مختلف الديناميات والحساسيات والأطراف المعنية من هيئات ومنظمات المجتمع المدني الفاعل في مجال الحقوق الثقافية واللغوية بالمغرب.
كما تم طرح مال المبادرات الترافعية من مراسلات ومذكرات واللقاءات وغيرها ،حيث اعتبر المتدخلون أنه ينبغي اللجوء إلى الترافع الدولي ، وطالب آخرون بضرورة مسائلة البرلمانيين والبرلمانيات والمستشارين والمستشارات بمجلس النواب والمستشارين والجماعات الترابية ، ومرافقتهم لتشكيل لوبي على شاكلة الائتلاف البرلماني لمناهضة عقوبة الإعدام.
ليتم تقديم التوضيحات والإجابات عن التساؤلات والاستفسارات من طرف الأستاذين مبارك اوتشرفت واحمد ارحموش،حيث ركزوا في معرض إجابتهم على عدة جوانب من الموضوع الخاص بالقانون التنظيمي ومنها:
- ضرورة تقوية الحركة الامازيغية تنظيميا، في افق انخراطها في جبهة شعبية للدفاع عن الحقوق والحريات،واعتبروا النضال والترافع هما الكفيلين بانتزاع الحقوق والحريات،والنقاش مع الخصوم والمحاججة القانونية،وغيرها من وسائل الإقناع التي ينبغي أن يتسلح بها المناضل.
- دعوة الأسر إلى الاعتزاز بامازيغتهم والحديث بها داخل البيت ومع أبنائهم ،وفي الشارع وفي الفضاء العام.
- الاستعداد لتصدي لكل خرق يمس الأمازيغية ،والعمل على إحراج الدولة من خلال المبادرات وطرح البدائل المدنية والسياسية القادرة على ممارسة مزيد من الضغط على صناع القرار .
بخصوص تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية عبر قانون تنظيمي فاعل وشامل، تم تجميع الخلاصات والاقتراحات التالية:
- أن تلتزم الدولة بضمان تفعيل الامازيغية اللغة والثقافة والحضارة والهوية كرصيد مشترك لجميع المغاربة بدون استثناء.
- الحرص على العدالة والمساواة بين اللغتين الرسميتين،وعدم التفاضل بينهما.
- اتخاذ تدابير وإجراءات للحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري الامازيغي والعمل على النهوض به.
بخصوص آليات تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية ،ينبغي التأكيد أولا على ضرورة تحديد مستلزمات ومتطلبات التفعيل وتوفير الاعتمادات المالية والبشرية المؤهلة لمباشرة ورش التفعيل،وربط ذلك بأجندة زمنية وبخريطة طريق واضحة ووفق مقاربة تشاركية مع مختلف الفاعلين والمتدخلين من مؤسسات ومعاهد ومراكز البحث وخبراء وغير ذلك.
- العمل على استعمال اللغة الامازيغية في المرافق العمومية وفي المؤسسات المفوض لها كليا أو جزئيا.
- يشمل النهوض باللغة الامازيغية الحفاظ على الثراث المادي واللامادي للامازيغية من مآثر تاريخية،والعمل على إبراز مختلف أبعاد وتجليات الحضارة والثقافة الامازيغية.
- إن المعركة على القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي لا ينبغي أن تكون ظرفية وموسمية بل هي معركة مستمرة إلى حين رفع التمييز ضد الامازيغية في مختلف المجالات، وعليه وجب بناء إستراتيجية ترافعية متعددة المداخل والمسارات، إستراتيجية نضالية قائمة على القوة الاقتراحية والتفاوضية،والحشد الجماهيري والشعبي،والنضال الميداني والترافع الوطني والدولي.
بويزكارن في الجمعة 05 فبراير 2016